الأحد، 4 أبريل 2010

كرة القدم بنكهة عربية خالصة

دائما ما أكره جلد الذات الذي نمارسه نحن العرب بشدة على ذواتنا حتى أنه يخيل لي أننا شعب بلى أمل. و أنفر من بعض مثقفينا و أدبائنا و إعلاميينا الأفاضل الذين جل إنتاجهم يندرج تحت باب جلد الذات و بقسوة مبالغ فيها، إلا أنني أجد نفسي مضطرا لممارسة هذه العادة المقيتة رغما عن كل ما سبق. السبب هذه المرة مبارة في كرة القدم، اللعبة الشعبية الأولى في العالم و التي لا تخلو من من التعصب الأعمى و العنصرية البغيضة و الممارسات التخريبية العنيفة التي غالبا ما تصدر عن المشجعين في المدرجات قبل و أثناء و بعد المباراة و هذا جزء من اللعبة و الجو العام المرتبط بالإثارة في مباريات كرة القدم. و بما أننا شعب له "خصوصيته" المعروفة و التي تجعل القوانين و الأعراف العامة لا تنطبق عليه بشكل كامل و لا بد أن يضفي على كل شئ نكهة عربية خالصة، انتقلت هذه الممارسات الجماهيرية من المدرجات إلى السياسيين المحنكين و الأدباء الحالمين و الصحفيين المخضرمين فتحول الجميع إلى وحوش كاسرة ناثرين من حولهم و حولنا غبار المعارك. فبعض المسؤولين الرفيعي المستوى أدلوا بتصريحات رنانة هي أقرب ما يكون إلى إعلان حرب، كما خرج علينا بعض صحفيينا اللامعين بمقالات من نار و كأنها منشورات ثورية. الكل ساهم في إثارة الفتنة و تأجيج الجماهير بما يتخطى المعقول و المتوقع حول مباراة على كرة من جلد منفوخ و أصبح الكل في انتظار كرنفال دموي مجنون على أنغام طبول الحرب و الجماجم و النيران، و كل هذا بين شعبين تربطهما أخوة و دم و تاريخ راسخ في بطن الأرض منذ الزمن القديم. المضحك المبكي في الأمر أنه لو كانت هذه المباراة بين أحد الشقيقين و فريق آخر من قارة أخرى لسادت الروح الرياضية و لسمعنا عبارات مثل اللعب النظيف و التنافس الشريف و كرة القدم فوز و خسارة و لما شهدنا كل هذا التوتر و التشنج و الانفعال الزائد عن الحد، لكنها "خصوصيتنا" الفريدة التي تأبى إلا أن تكون لها بصمة على كل شئ حتى لعبة كرة القدم. فلو أن الدول التي تناصبنا العداء ألقت نظرة على إعلامنا و مثقفينا و آرائهم الحادة و تعطشهم للدماء من أجل مباراة لفكرت ألف مرة قبل أن تستعدينا و تحاربنا و تحتل أراضينا، فقوم هذا حالهم في اللعب فكيف يكون الحال إذا في الحرب، إلا أنهم يعرفون "خصوصيتنا" الفريدة و يعلمون حد اليقين أننا قوم نحارب في اللعب و نلعب في الحرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق