الأحد، 11 أكتوبر 2009

ننتظر تجربة أثرى وأعمق من مجرد رحلة للشقيري (جريدة الوطن 4 سبتمبر 2009)

حضاريا تعتبر التجربة اليابانية من التجارب الرائدة و المثيرة للاهتمام في شتى مجالات الحضارة، و خصوصيتها تكمن في قدرة الحضارة اليابانية على تجاوز محنتها واستمرارها في مسيرتها النهضوية حتى أصبحت الأمة اليابانية من أكثر الأمم تقدما. مع العلم أنها واجهت صعوبات و تخطت عقبات شديدة الوعورة في سبيل مشروع نهضتهامن هزيمة عسكرية وقنابل نووية إلى احتلال لأراضيها.و قد قام العديد من الباحثين و المفكرين و المهتمين بالمشاريع النهضوية للأمم بدراسة التجربة اليابانية من شتى النواحي، لاكتشاف العوامل التي ساعدت الأمة اليابانية على الوصول للمكانة التي تبوئها الآن، و آخرهم أحمد الشقيري الذي حاول دراسة سلوكيات و قيم الفرد الياباني و مقارنتها مع سلوكيات و قيم الفرد العربي لبيان نوع التأثير الممكن للفرد أن يقوم به في نهضة أمته، و كفكرة هي جيدة جدا و تستحق الدراسة.اختيار أحمد الشقيري لليابان كشعب و حضارة ليكونا أساسا لبحثه ذكاء يحسب له، فالأمة العربية تمر بظروف مشابهة نوعا ما لظروف اليابان إبان الحرب العالمية الثانية من احتلال و هيمنة لثقافة بعيدة عن الثقافة الأم. و بما أن اليابانيين تمكنوا من التخلص من كل هذه المعوقات المعيقة لمشروعها النهضوي و ذلك بتداخل عدة عوامل أهمها إيمان الفرد الياباني بأهمية العمل و الاضطلاع بدوره و واجبه تجاه هذا المشروع القومي، فإن عمل مقارنة بين الفرد الياباني و الفرد العربي ستؤدي بلا شك إلى اكتشاف السلوكيات و القيم التي ساعدت الفرد الياباني على القيام بدور فاعل في نهضة أمته ومحاولة تفعيل و خلق سلوكيات و قيم متماثلة عند الفرد العربي حتى يؤدي دوره في نهضة أمته.هذا من حيث الفكرة أما من حيث التنفيذ فقد خذل الشقيري العديد من المتلقين رغم صدق النية ووضوح الفكرة. فالمتابع لتجربة الشقيري اليابانية سيلاحظ السطحية في الطرح و غياب الموضوعية العلمية في مقارنات الشقيري مما أدى إلى إضعاف الفكرة و تشتيت المتلقي، فتعليقات و مقارنات الشقيري أقرب إلى تعليقات و مقارنات سائح منها إلى باحث أو مفكر أو داعية.حاول أحمد الشقيري دراسة المجتمع الياباني عن طريق الاحتكاك المباشر و الملاحظة للسلوكيات العامة للشعب الياباني في الحياة اليومية، إلا أن احتكاك الشقيري باليابانيين لم يكن ذا عمق و معظم ملاحظاته كانت أقرب إلى السطحية، ويعزى ذلك إلى قلة خبرته بهذا النوع من الدراسة و البحث و التي كان بإمكانه تجاوزها لو وسع من دائرة و شرائح الناس الذين قابلهم بدلا من التجول في المول أو القيام برحلات سياحية لا تؤدي الغرض من البحث و لا تمنحه العمق اللازم للخروج بنتائج ذات قيمة. كما أنه يعاب على الشقيري أسلوبه في طرح أفكاره و ملاحظاته والذي اتسم بالمبالغة الشديدة و الانبهار الأشد المتوقع من سائح و ليس من باحث ذهب إلى اليابان بغرض دراسة جانب من جوانب المشروع النهضوي الياباني، إضافة إلى نبرة الاستهزاء و الاستخفاف عند عمل مقارناته بين الفردين العربي و الياباني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق