الثلاثاء، 1 فبراير 2011

المواطن مصري

المواطن مصري. الفقر أبي و المأساة أمي. لقمة العيش همي . المهنة، اليوم شيال و كنت عاملا مرة ، و اشتغلت في تكسير الجبال زمنا. لكن الأصل فلاح ابن فلاح. من هذه الأرض خلقت وبها أعيش و عليها حياتي و إلى جوفها عائد. الرزق قليل لكن الرضا طبعي. الوجه كالح، أسمر، و الزمن حفر بتعب السنين على الوجه تجاعيد كينابيع نهر جففت شمس الصحراء ماءه. العيون تبدو منطفئة لوهلة، لكنها تخفي في محاجرها ضياء شموس الكون، و ذكاء فطريا كامنا في سوادها، و عنادا أزليا قدم الأرض.

مع أني فقير لكني فخور، فأنا مصري في القرآن مذكور اسمي. و من كلمات الله وصفي. فأنا خير أجناد الأرض في سوادي خير للناس كافة، تبوأ منها موسى لقومه بيوتا. و أوصى يوسف أبويه أن ادخلو مصر إن شاء الله آمنين. بمصر كان إبراهيم الخليل، و اسماعيل، و إدريس، و يوسف، و يعقوب، و الأسباط. وصفها عمرو ابن العاص فأبدع مصر تربة سوداء و شجرة خضراء. بيدي هاتين حفرت تربتها فأخرجت بقلها، و فومها،وقثائها،و بصلها،و عدسها.

أنا المواطن مصري. مرت علي السنون العجاف أزمنة، و الهموم من الجبال رواسي، فما كسرت عزتي و لا انحنت للأقدار هاماتي. طواغيت هنا كانوا. بالذل و الإخضاع حكموا، خوازيقا في البطون دقوا، قي القتل و التنكيل أبدعوا، كم زرعا أحرقوا، كم نفسا قتلوا، كم تنمردوا و تجبروا. أين هم اليوم؟ هل على الخلود السرمدي حصلوا؟ أم في غياهب الذل جعلناهم حتى كأن لم يكونوا؟ أنا التاريخ بأناملي السمراء على ورق البردى كتبته. فما ارتعشت أصباعي عند الهزائم و لا انكسر قلمي من فرط انتصاراتي.

و أنت يا سيدي طاغوت آخر. استحقرت فقري و رقة حالي. أسأت في صبري الظن و أعماك عني غرور جبروتك الآني. أنستك سني عمرك الطويلة أنك مثلهم فان. أنا حر، ولدت حرا و عشت حرا و أموت حرا إن الموت ناداني. خدعتك من المنافقين ابتساماتهم، و غطى لغط لهوكم عن الأسماع صوتي. في صدري أزمنة من القهر، و بين أضلعي حملت ظلمي، في قلبي سننت كراهيتي. تركتكم في طغيانكم تعمهون. أرقبكم. أسل سيفي ذبحا أجهزكم. لن أرحمكم. فليس من شيم المصري أن يترك للزمان ثأره. ما إن تركن للرخاء زبانيتك و تظن أنك للخلود ماض حتى أنفض عن هامتي غبارها و أفتح للنيران صدري. سيهرب زبانيتك. سأكسر قيدك الذي أدمى معصمي ستذهب خائبا ذليلا كسيرا كما ذهبو فلن يبقى غيري. أنا المواطن مصري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق